نهر الأسطوان.. من ثروة الى بؤرة تلوث

الانهار جميع المنشورات

ليست المرة الأولى التي تطرق فيها «المستقبل» موضوع التلوث في مجرى نهر الأسطوان الذي بات يقلق أهالي منطقة كبيرة تعيش على ضفافه ، أضيف اليهم الآلاف من النازحين السوريين الذين يستعملون مياه هذا النهر تحديداً للحاجات المنزلية والاستحمام والغسيل، على الرغم من الآثار السلبية المتأتية عن مثل هذا الاستعمال وظهور أمراض كثيرة بينها الالتهابات والامراض الجلدية المختلفة، الأمر الذي يثير قلق المنطقة وفعالياتها، الذين لن يهنأ لهم بال قبل وضع خطة لانقاذ هذه الثروة المائية وانجاز مشاريع الصرف الصحي ومشاريع الري والاستفادة من النهر في المجالات كافة ورفع الضرر عن بيئته وما يحيط بها والحفاظ على ما تبقى من ثروة مائية وسمكية

رئيس بلدية بيت الحاج الشيخ عبد الرزاق الكيلاني حدد أسباب التلوث في الاسطوان كما غيره من الجداول في عكار، لافتا الى أن «الحرب فعلت فعلها في سلوكيات الناس مع بيئتهم ومصادر المياه ، وغياب الثقافة البيئية ومنطق الاستهتار الذي ندفع ثمنه اليوم».

يضيف: «لكن ما كان مضى قد مضى ، ماذا عن اليوم؟ .. اليوم الوحدات السكنية ازدادت أضعافاً بينما زادت نسبة استهلاك المياه وزاد حجم التلوث الناتج عن المصادر المنزلية وهي كل ما يلقى من ملوثات في المياه من أقذار وأوساخ مختلفة (قمامة ناتجة عن فضلات استخدام البيوت وهي ازدادت بازدياد سكان القرى المتاخمة لمياه النهر).. وهناك مصادر أخرى ناتجة عن رمي الفضلات الزراعية والصناعية والسموم التي تتميز بشدة احتوائها على مواد سامة خطرة يصعب التخلص منها أو من المركبات الكيماوية واستخدام الهرمونات الزراعية او المخصبات الزراعية والمبيدات الحشرية في مجرى النهر. هذا، اضافة الى المصادر البشرية والحيوانية مثل الاستحمام في الأنهار للإنسان والحيوان، وكذلك قيام النساء بغسل الأواني والملابس على أطرافه وإلقاء جثث وجيف الحيوانات النافقة على الأطراف وكذلك تكاثر النباتات المائية والحشائش المائية الضارة التي تسد القنوات وتوفر مناخاً مواتياً لنمو الكائنات التي تلعب دوراً هاماً في أمراض عديدة، كما يعرض الثروة السمكية للموت».

ويقول: «في الأسطوان المشكلة الاكبر تكمن في مياه الصرف حيث ان مياه الصرف الصحي تصب في النهر من كل الجهات والاتجاهات، وهناك العديد من القرى في المنطقة تقع جنوب وشمال النهر تصب مياه الصرف الصحي الناتجة عنها في مجراه وتبدأ من أطراف عكار العتيقة وصولا حتى تلبيبة في السهل».

ويلفت الكيلاني الى ان «لا حاجة للدراسات وانفاق الأموال من أجل قياس نسبة الملوثات، فالمعروف للقاصي والداني أن مياه نهر الأسطوان مهددة بالتلوث إن لم تكن ملوثة فعلاً بسبب استمرار صرف المخلفات السائلة سواء من المختلفة والزراعة أو المخلفات البشرية وتزايد حجمها ما يشكل خطراً مباشراً على النهر كما على المجاري المائية الأخرى».

لا حياة لمن تنادي

ويقول نائب رئيس اتحاد بلديات النهر بلال صالح: «مرة أخرى نرفع صرختنا والأسطوان ومن حوله يصرخون ويناشدون، أن انقذوني، ذلك كله من جراء الإهمال والاعتداءات التي تنهش في جسد نهرنا الذي ترعرعنا وتربينا في أحواضه وشربنا ونهلنا من مياهه.. اليوم تلقى معظم المخلفات من دون معالجة في مجراه في ظل تجاهل وغياب أصحاب الشأن للحفاظ على سلامة النهر.

الان وقبل اي وقت آخر صار لزاما على البلديات، الوزارات، والقائمقاميات تغريم المخالفين وإلزام الجهات المسببة بمعالجة التلوث على نفقتها، وعدم الانتظار فالمشكلة كبيرة وكبيرة جداً.. وهذا يستدعي مساءلة الوزارات المعنية عن دورها وتقصيرها وغياب اهتمامها . فأين دراسة تأثير الصرف الزراعي والصحي على بيئة النهر؟.. أين الحراك من كوارث وامراض تنتشر كالنار في الهشيم وتطيح بحياة شبابنا قبل كبارنا؟ وهنا أتحدث عن كل أنهر عكار (عرقة، البارد، الكبير الجنوبي وغيرها ). فالخريطة الكاملة للتلوث في النهر تؤكد ان قضية مكافحة تلوث المياه من القضايا التي يجب أن تجعلها كل الوزارات على قائمة أولوياتها حيث أثرت الممارسات الخاطئة للمواطنين على المياه ونوعيتها بالمزيد من اتلافها وزيادة الطين بلة ..هنا في هذه المنطقة تقع عشرات القرى في الشريط الزراعي الضيق على جانبي النهر يتخلص سكانها من مخلفاتهم إما بإلقائها مباشرة في النهر أو من خلال أنظمة صرف صحي غير مناسبة تؤدي بدورها إلى تلوث المياه الجوفية والسطحية عبر التسرب ورشح المياه.. فالمنطقة كلها تتخلص من الصرف الصحي مباشرة بالقائها في مجرى النهر أو في شبكات الأقنية والمصارف وتشكل مركبات كيميائية تشتمل على مواد عضوية وبكتيريا ضارة بجانب ملوثات الصرف الصحي» .

يضيف صالح: «أمام هذا الواقع لا بد من تجنيد كافة الطاقات والإمكانيات من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه من خلال عقد الكثير من الندوات والاجتماعات التي تجمع الجهات المعنية بهذا النهر ليتم فتح الحوار والمناقشة لهذه المشاكل وكيفية إيجاد الحلول لها، ومنها إعادة تدوير المياه لعلاج التدهور البيئي في حوض النهر والتنسيق بين الجمعيات ووزارت الزراعة والموارد والبيئة للاستفادة من خبرة هذه الهيئات وما لديها من معلومات لاقتراح مشروعات للحفاظ على مياهه، وتحديد عدد من البرامج لتوعية الأهالي بالأسلوب الأمثل تجاه نهرهم وهو حياتهم مستغلين حتى العظات والخطب الدينية، والعمل على تقوية دور الجمعيات، واقتراح قوانين تجعل من الأسطوان وعرقة والبارد محميات طبيعية، والعمل على إيجاد حلول لمياه الصرف الملوثة، وزيادة ودعم المشروعات الخاصة بمكافحة التلوث وتفعيل القوانين التي تحرم المطاعم والمزارع والبيوت من تلويث المياه . والمهمة الأبرز أن يصار الى البدء بمشاريع الصرف الصحي في عكار والافراج عن أموال هذه المشاريع

 

 

 

اترك تعليقاً